-A +A
أنس اليوسف (جدة) Okaz_Online@
لا يمكن لأحد أن ينكر أن منابر المساجد ظلت لسنوات طويلة مختطفة من قبل ثلة لا ينتمون للدين بأي صلة، بل استغلوها خدمة لأغراضهم الشخصية، لتستعيد اليوم أنفاسها الحقيقية ووسطيتها المطلوبة، في ظل توجه الدولة القوي لاستعادة المنابر المختطفة من قبل متشددين وبعض ذوي التوجهات السياسية، بعدما أعلنت السعودية عبر رؤيتها المستقبلية التحول الحقيقي والكبير لتمزيق الخطاب الديني المتطرف.

وبعد حالة الانفلات التي عرفت خلال الأعوام الماضية، يبدو المشهد اليوم مختلفاً للغاية، إذ إن واعظي الدجل والزيف وترهيب الناس وتجييشهم لم يعد لهم صوت يسمع ولا منبر يتيح لهم بث خبثهم.


رغم عدم وجود أرقام رسمية حول أعداد الخطباء الذين تم الاستغناء عنهم نظرا لتوجهاتهم المشبوهة، إلا أن أرقاما تشير إلى كف يد أكثر من 3000 رجل دين غير معتدل، من الذين اعتادوا الوعظ في المساجد ورفضوا تغيير توجهاتهم للوسطية والاعتدال.

ولم يتردد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف آل الشيخ في تحذير الخطباء والوعاظ مثيري الفتن على المنابر بالمحاسبة، مشددا في أكثر من منبر على أنه لم يعد هناك مجال للتسامح في هذا الأمر، وعلى الخطيب أو الداعية المخطئ والمتجاوز إما الانضباط على المنبر أو ترك المجال لغيره.

وأكد في مقابلة تلفزيونية على قناة MBC، في 2019، أهمية ودور خطباء المساجد، وإيمانهم التام بذلك في نشر العلم الشرعي المعتدل، مشيراً إلى أن هناك نسباً ضئيلة من الخطباء والوعاظ على تلك المنابر كانت تبث الفتن بين الناس، ووجهتهم توجيهاً خاطئاً. وشدد على أن دور الوزارة الآن هو المحافظة على هذا المنبر، بما يحافظ على عقيدتنا، وتوجهات ولاة أمرنا. وأوضح وزير الشؤون الإسلامية أنه تم رصد بعض التجاوزات إلا أنها لا تعتبر ظاهرة، مؤكداً أنه تم التعامل معها بسرعة واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقها، مبينا أن شعار الوزارة هو «الاعتدال والوسطية»، وفي ظل وجود أكثر من 90 ألف مسجد ونحو 15 ألفاً و600 جامع، كان على عاتق وزارة الشؤون الإسلامية ثقل كبير، ودور أكبر في بث الرسائل الداخلية والعالمية، خصوصا في ظل تأكيدات آل الشيخ على «دعم الوزارة للمناشط الدعوية كافة والفكر المعتدل، وتسهيلها ما دامت متوافقة مع عقيدتنا ومنهجنا».

ولم يخف على وزير الشؤون الإسلامية أن الدعوة كانت سابقاً تتسم بـ«المزاجية» سواء في الطرح، أو العناوين المطاطة للمحاضرات، أو أن يتم تقديمها من قبل أشخاص غير مؤهلين، إذ إنه سرعان ما حمل عدداً من فروع وزارته المسؤولية في السابق بمنحها التصاريح لـ«كل من هب ودب».

لذا لم يتردد الوزير في إعلان «تشكيل لجنة فورية من دعاة وعلماء معروفين باعتدالهم لضبط تلك الأمور»، ليخرج وقتها بالتأكيد على القول «أوقفناها لمدة 24 ساعة فقط للنظر في التصاريح والفسوحات السابقة، وأعيد نسبة كبيرة منها إلى وضعها الطبيعي، أما من تم إيقافه كان بسبب موضوع المحاضرة، أو بسبب المحاضر نفسه». ولم تكن المنابر في المساجد وحدها مختطفة، بل كان الاختطاف شاملا لكل المنابر الدينية، التي من خلالها يتم الوصول إلى القاعدة المجتمعية، لقلب الحقائق وتزوير الوسطية وتقزيم دورها، والعمل على استفحال التشدد والتطرف، إذ امتد التأثير إلى القنوات الفضائية التي لها جمهور واسع، لتصل الرسالة المزيفة والمغرضة إلى أقاصي الأرض.

وفي ظل الحرص على عدم السماح لأي متشدد من بث أفكاره وسمومه في أي منبر، جاءت أمنية وزير الشؤون الإسلامية واضحة، في التأكيد على أنه «ليته يتم إغلاق بعض القنوات التي تتبنى أفكاراً ضالة وسامة باسم الدين»، لافتا بوضوح إلى أن بعض المنابر كانت مختطفة وليست جميعها.

1933 لمنع انتكاسة الخطباء

راهن وزير الشؤون الإسلامية على الضمانات التي توفرها الوزارة في المستقبل لمنع أي انتكاسة للمنابر، يمكنها أن تعيد فايروس التطرف والجنوح والتشدد إلى أفواه الخطباء، معلنا أن المواطن هو الرقيب، لذا خصصت الوزارة رقما مجانيا (1933) لاستقبال بلاغات وملاحظات المواطنين حول المسجد وخطيبه وجميع ما يخص المسجد. وأعلنت الوزارة رقم مركز الاتصال الموحد لتلقي الشكاوى والملاحظات والاقتراحات، وذلك حرصاً على الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين وتحقيق رضا المستفيدين.

وأوضحت الوزارة أن أيام العمل طوال أيام الأسبوع، وأوقات العمل من الساعة الـ7 صباحا حتى الـ11 مساء من السبت إلى الخميس، وفي يوم الجمعة من الـ1 ظهرا حتى الـ11 مساء.